29 - 06 - 2024

مدينتي الفاضلة | الشركة القابضة على الكهرباء، وعلى أرواحنا

مدينتي الفاضلة | الشركة القابضة على الكهرباء، وعلى أرواحنا

ليس أسود من انقطاع النور، إلا سواد إدارة أزمة موجة الحر.. بعد ثمانية أيام اختناقات ووفيات وإظلام ، التقى وزيرا البترول والكهرباء في اجتماع مغلق أمس 24/7/23 (!!) أسفر عن تشكيل فريق عمل مشترك لوضع سيناريوهات حل أزمة الطاقة، لعرضها على أول اجتماع لمجلس الوزراء!! الله أكبر، أفرح وتهلل ياشعب!! قاوم الاختناق، تجنب المصاعد، حل مشاكلك.. كن مواطنا صالحا، يتقبل ساعات الإظلام بنفس راضية مطمئنة، لأنها ممنهجة مجدولة تحت سيطرة رئيس وزرائنا.. يا مواطن توقف عن الشكوى والسلبية ومارس دورك الوطني وشارك في ابتكار سيناريوهات، لأنك المستفيد الأول من توفير فاتورة الكهرباء..افهم أن تصدير طاقة مروحتك ولمبتك يخفض ديون وطنك، فتحمل صابرا.

أما المرضى والمعاشات فعليهم الانزواء والزٌهد ليحيا الوطن، والقادر منهم يلجأ للكنيسة والجامع - بيوت الله المكيفة – ليأخذ ثواب الدعاء للوطن أن يزيح عنه ربك منخفض الهند، ويرفع عنه المظلة الحرارية التي حبست الرطوبة والأتربة والدخان وشوائب الجو العالقة فوق رؤوسنا، لسوء سلوك شبابك، وفساد تربيتك البيئية لأولادك.

وأنت ساجد، تذكر فضائل رئيس الوزراء في صد الموجة الملعونة، بإعلان جدولة توفير أحمال الكهرباء ساعة يوميا "بالعدل" لكل الشعب.. ألقى البيان من فتحة الشيش وانصرف متعجلا لجدولة كهربة الحكومة ونواب الشعب في العلمين والساحل الفيروزي.. لتحجبنا عنه شوائب القاهرة الحبيسة!!

ولما انقطع النت بيننا.. رمانة ميزان العدل ساحت من ضغط الاستثناءات.. هذا ساكن مسؤول، وذاك نائب سليط اللسان، وسكان الكومباوندز يخافون من الضلمة.. هَنٍج القرار، وارتبكت الكهرباء، تضئ نصف ساعة وتنطفئ ساعتين!! حتى في الأجازة الرسمية، وفي ساعات الفجر المسالم.. لماذا يا هذا!! لأنها مواقيت حفلات الساحل الرأسمالية الاستثمارية وعيب نخذلهم ونؤجل فرحتهم!!

 في العتمة ينشط رئيس الشياطين.. يوسوس مطمئنا لصمت أولي الأمر.. يهمس بأن رئيس الشركة القابضة للكهرباء تغابى عن " العدل"، وتمادى في توفير الطاقة، وأسرع ببيان إعلان مواقيت ركوب المصاعد، لحماية نفسه وقبضته من تعويضات وفيات المصاعد، وضمانا لتحصيل فواتير زبائنه أحياء.. أعلن حتمية التزام الشعب بمراقبة كل ساعة 12، وحظر دخول المصاعد عشر دقائق يمينها، وعشر دقائق يسارها!! 20 دقيقة "انتباه" كل ساعة يوميا!! والموت مسؤولية المخالف!! 

شخصيا، فزعت من تصور مداخل ناطحات وزارة العدل بالعباسية، بمصاعدها الملاصقة لبيت الراحة الفَوًاح!! ومشهد تكتل طوابير أجساد عرقانة تستطيل هابطة للهيب الشارع ، ثم متدافعة للحشر في مصاعد أكأب من التوابيت!! الحسنة الوحيدة في البيان هي نجاحه في نغز خفة دم المصريين وإنعاش ذاكرة ركوب مصاعد الحكومة، ليبدعوا في مواجهة الصهد بنكات أقوى من المكيفات، سواء مراوح، أوحشيش لزوم الصمود وليس للمزاج لا سمح اللهّ!!

نكٍّتنا من غٌلبنا، ووصلنا للجد.. القابضة أكدت قدرة شبكتها القومية على تغطية استهلاك كل البلاد بفائض 12 ألف ميجاوات لو توفر الغاز!! وزير البترول أكد إصلاح ضعف ضغط الغاز، الحكومة هللت باكتشافات جديدة.. وهو تناقض يثير الشائعات، ومخاوف تكرار اختلاق أزمات استنفار التهليل والخضوع!!

أحداث الأزمة تدفعني لإدانة رئيس القابضة "بخيانة المسئولية".. أحمله مسؤولية كل مريض عجز عن التنفس لقطع التيار عن جهاز الأكسجين في البيت أو المستشفى.. أدينه بخيانة الثقة وتحقير الشعب لعدم التزامه بالمصارحة في نشرة الأخبار الرسمية اليومية بحقائق الأزمة، وعدد اصابات الجهاز التنفسي والوفيات.. وتفسير تفاوت وزيادة ساعات انقطاع الكهرباء.
-----------------------------
بقلم: منى ثابت

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | مين قطع النور عن مين؟!





اعلان